فصل: سيرته

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أسد الغابة في معرفة الصحابة **


هجرته رضي الله عنه

 أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله الدقاق إذناً، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، حدثنا أبو محمد الجوهري إملاء، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني بالبصرة، حدثنا الزبير بن محمد بن خالد العثماني بمصر سنة خمس وستين ومائتين، حدثنا عبد الله بن القاسم الأبلي، عن أبيه، عن عقيل بن خالد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس قال‏:‏ قال لي علي بن أبي طالب‏:‏ ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا مختفياً، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهماً، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً، ثم أتى المقام فصلى متمكناً، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، وقال لهم‏:‏ شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي‏.‏ قال علي‏:‏ فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه‏.‏

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال‏:‏ حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب قال‏:‏ لما اجتمعنا للهجرة اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل‏:‏ قلنا‏:‏ الميعاد بيننا ‏"‏التناضب من أضاة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها فليمض صاحباه‏.‏ فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس عنا هشام، وفتن فافتتن‏.‏ وقدمنا المدينة‏.‏

قال ابن إسحاق‏:‏ نزل عمر بن الخطاب، وزيد بن الخطاب، وعمرو وعبد الله ابنا سراقة، وحنيس بن حذافة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وواقد بن عبد الله، وخولي بن أبي خولي، وهلال بن أبي خولي، وعياش بن أبي ربيعة، وخالد وإياس وعاقل بنو البكير، نزل هؤلاء على رفاعة بن المنذر، في بني عمرو بن عوف‏.‏

أنبأنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن بدران، أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الفارسي، أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن احمد، حدثني أبي، حدثنا عمرو بن محمد أبو سعيد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال‏:‏ أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ثم قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى، أخو بني فهر‏.‏ ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكباً، فقلنا‏:‏ ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم? قال‏:‏ هو على أثري‏.‏ ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه‏.‏

شهوده رضي الله عنه بدراً وغيرها من المشاهد

شهد عمر بن الخطاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً، وأحداً، والخندق وبيعة الرضوان، وخيبر، والفتح، وحنيناً، وغيرها من المشاهد، وكان أشد الناس على الكفار‏.‏ وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسله إلى أهل مكة يوم الحديبية، فقال‏:‏ ‏"‏يا رسول الله، قد علمت قريش شدة عداوتي لها، وإن ظفروا بي قتلوني‏"‏‏.‏ فتركه، وأرسل عثمان‏.‏

أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق- في مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر- قال‏:‏ وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين على واد يقال‏:‏ ‏"‏ذفران‏"‏، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببعضه نزل‏.‏ وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فقال أبو بكر فأحسن، ثم قام عمر فقال فأحسن‏.‏ وذكر تمام الخبر‏.‏

وهو الذي أشار بقتل أسارى المشركين ببدر، والقصة مشهورة‏.‏

وقال ابن إسحاق وغيره من أهل السير، ممن شهد بدراً من بني عدي بن كعب‏:‏ عمر بن الخطاب بن نفيل، لم يختلفوا فيه‏.‏

وشهد أيضاً أحداً، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

 أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال‏:‏ حدثني الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة قالا‏:‏ لما أراد أبو سفيان الانصراف أشرف على الجبل، ثم نادى بأعلى صوته‏:‏ إن الحرب سجال يوم بيوم بدر، اعل هبل- أي أظهر دينك- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب‏:‏ قم فأجبه‏.‏ فقال‏:‏ الله أعلى وأجل، لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فلما أجاب عمر أبا سفيان قال أبو سفيان‏:‏ هلم إلي يا عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ائته، فانظر ما يقول‏"‏‏.‏ فجاءه، فقال له أبو سفيان‏:‏ أنشدك الله يا عمر، أقتلنا محمداً? قال‏:‏ لا، وإنه ليسمع كلامك الآن‏.‏ فقال أبو سفيان‏:‏ أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر- لقول ابن قمئة لهم‏:‏ قد قتلت محمداً‏.‏

علمه رضي الله عنه

أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي يعلى، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور بن محمد بن سعيد، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان، حدثنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد العزيز بن أبان، حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن الأعمش، عن أبي وائل قال‏:‏ قال ابن مسعود‏:‏ لو أن علم عمر وضع في كفه ميزان، ووضع علم الناس في كفه ميزان لرجح علم عمر‏.‏ فذكرته لإبراهيم فقال‏:‏ قد والله، قال عبد الله أفضل من هذا‏.‏ قلت‏:‏ ماذا قال? قال‏:‏ لما مات عمر ذهب تسعة أعشار العلم‏.‏

أنبأنا إسماعيل بن علي بن عبيد وغيره بإسنادهم إلى محمد بن عيسى‏:‏ حدثنا قتيبة حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ رأيت كأني أتيت بقدح لبن، فشربت منه، وأعطيت فضلي عمر بن الخطاب‏"‏‏.‏ فقالوا‏:‏ ما أولته يا رسول الله? قال‏:‏ العلم‏.‏

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الحافظ إجازة أنبأنا أبي، أنبأنا أبو الأغر قراتكين بن الأسعد، حدثنا أبو محمد الجوهري، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل بن الجراح، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله النيري، حدثنا أبو السائب قال‏:‏ سمعت شيخاً من قريش يذكر عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال‏:‏ والله ما رأيت أحداً أرأف برعيته، ولا خيراً من أبي بكر الصديق‏.‏ ولم أر أحداً أقرأ لكتاب الله، ولا أفقه في دين الله، ولا أقوم بحدود الله، ولا أهيب في صدور الرجال من عمر بن الخطاب‏.‏ ولا رأيت أحداً أشد حياء من عثمان بن عفان‏.‏

زهده وتواضعه رضي الله عنه

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي إجازة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر بن المزرقي، حدثنا أبو الحسين بن المهتدي، أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي، حدثنا أبو سعيد حاتم بن الحسن الشاشي، حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال‏:‏ قال طلحة بن عبيد الله‏:‏ ما كان عمر بن الخطاب بأولنا إسلاماً ولا أقدمنا هجرة، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا أبي، حدثنا أبو علي القرئ كتابة- وحدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه- أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد بن جرير، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قال‏:‏ قال سعد بن أبي وقاص‏:‏ والله ما كان عمر بأقدمنا هجرة، وقد عرفت بأي شيء فضلنا؛ كان أزهدنا في الدنيا‏.‏

ع1 ابن أبي حبة وغيره، أنبأنا أبو غالب بن البنا، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، وأبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس قالا‏:‏ حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، أنبأنا الحسين بن الحسن، حدثنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت‏:‏ أن عمر استسقى، فأتي بإناء من عسل فوضعه على كفه- قال‏:‏ فجعل يقول‏:‏ ‏"‏أشربها فتذهب حلاوتها وتبقى نقمتها‏"‏، قالها ثلاثاً، ثم دفعه إلى رجل من القوم فشربه‏.‏

 أنبأنا أبو محمد القاسم بن علي، أنبأنا أبي، أنبأنا إسماعيل بن أحمد أبو القاسم، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا داود بن عمرو، أنبأنا ابن أبي غنية، هو يحيى بن عبد الملك، حدثنا سلامة بن صبيح التميمي قال‏:‏ قال الأحنف‏:‏ كنت مع عمر بن الخطاب، فلقيه رجل فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعدني على فلان، فإنه قد ظلمني‏.‏ قال‏:‏ فرفع الدرة فخفق بها رأسه فقال‏:‏ تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم، حتى إذا شغل في أمر من أمور المسلمين أتيتموه‏:‏ أعدني أعدني‏!‏ قال‏:‏ فانصرف الرجل وهو يتذمر- قال‏:‏ علي الرجل‏.‏ فألقى إليه المخفقة وقال‏:‏ امتثل‏.‏ فقال‏:‏ لا والله، ولكن أدعها لله ولك‏.‏ قال‏:‏ ليس هكذا، إما أن تدعها لله إرادة ما عنده أو تدعها لي، فأعلم ذلك‏.‏ قال‏:‏ أدعها لله‏.‏ قال‏:‏ فانصرف‏.‏ ثم جاء يمشي حتى دخل منزله ونحن معه، فصلى ركعتين وجلس فقال‏:‏ يا ابن الخطاب، كنت وضيعاً فرفعك الله، وكنت ضالاً فهداك الله، وكنت ذليلاً فأعزك الله، ثم حملك على رقاب الناس فجاءك رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غداً إذا أتيته? قال‏:‏ فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة حتى ظننا أنه خير أهل الأرض‏.‏

قال‏:‏ وحدثنا أبي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين المهتدي، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد الله بن محمد، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن بن مليكة قال‏:‏ بينما عمر قد وضع بين يديه طعاماً إذ جاء الغلام فقال‏:‏ هذا عتبة بن فرقد بالباب، قال‏:‏ وما أقدم عتبة? ائذن له‏.‏ فلما دخل رأى بين يدي عمر طعامه‏:‏ خبز وزيت‏.‏ قال‏:‏ اقترب يا عتبة فأصب من هذا‏.‏ قال‏:‏ فذهب يأكل فإذا هو طعام جشب لا يستطيع أن يسيغه‏.‏ قال‏:‏ يا أمير المؤمنين، هل لك في طعام يقال له‏:‏ الحواري? قال‏:‏ ويلك، ويسع ذلك المسلمين كلهم? قال‏:‏ لا والله‏.‏ قال‏:‏ ويلك يا عتبة، أفأردت أن آكل طيباً في حياتي الدنيا وأستمتع?‏.‏

وقال محمد بن سعد‏:‏ أنبأنا الوليد بن الأغر المكي، حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم قال‏:‏ دخل عمر بن الخطاب على حفصة ابنته، فقدمت إليه مرقاً بارداً وخبزاً وصبت في المرق زيتاً، فقال‏:‏ أدمان في إناء واحد‏!‏ لا أذوقه حتى ألقى الله عز وجل‏.‏

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيوية وأبو بكر بن إسماعيل قالا‏:‏ حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا الحسين بن الحسن، أنبأنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت عن أنس قال‏:‏ لقد رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه‏.‏

وأنبأنا غير واحد إجازة، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن بن محمد، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي، حدثني أبي، حدثنا شعبة، عن سعيد الجريري، عن أبي عثمان قال‏:‏ رأيت عمر بن الخطاب يرمي الجمرة وعليه غزار مرقوع بقطعة جراب‏.‏

فضائله رضي الله عنه‏:‏ أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن سرايا بن علي الفقيه، وأبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز، وأبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فناخسرو التكريتي وغيرهم بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل الجعفي‏:‏ حدثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأنا الليث، حدثني عقيل، عن ابن سهاب قال‏:‏ أخبرني سعيد بن المسيب رضي الله عنه‏:‏ أن أبا هريرة قال‏:‏ بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال‏:‏ بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت‏:‏ لمن هذا القصر? قالت‏:‏ لعمر‏.‏ فذكرت غيرته، فوليت مدبراً‏.‏ فبكى عمر وقال‏:‏ أعليك أغار يا رسول الله?‏!‏‏.‏

قال‏:‏ وحدثنا محمد بن إسماعيل‏:‏ حدثنا محمد بن عبيد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك‏"‏، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره قالوا‏:‏ فما أولت ذلك يا رسول الله? قال‏:‏ ‏"‏الدين‏"‏‏.‏

 أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد، حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، حدثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما يرى الكوكب الدري في الأفق من آفاق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما‏"‏‏.‏

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي، أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، حدثنا أبو قلابة الرقاشي، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن النضر أبي عمر الخزار، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتقض حراء ‏"‏قال‏:‏ اسكن‏"‏ حراء، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد‏.‏ وكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن، وسعد، وسعيد بن زيد‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا أبو الحسن خيثمة‏:‏ حدثنا محمد بن عوف الطائي وأبو يحيى بن أبي سبرة قالا‏:‏ حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك، حدثنا المعلى بن هلال، حدثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا خيثمة، أنبأنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي، حدثنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا يونس بن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ كنت مع النبي صلى الله عليه وسلمن فأقبل أبو بكر وعمر فقال لي النبي صلى الله عليه وسلمك ‏"‏يا علي، هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين، ثم قال لي‏:‏ يا علي، لا تخبرهما‏"‏‏.‏

أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد وغيره بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي‏:‏ حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر هو العقدي، حدثنا خارجة بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وقال ابن عمر‏:‏ ‏"‏ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر- أو‏:‏ قال ابن الخطاب- شك خارجة- إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر‏"‏‏.‏

وذلك نحو ما قال في أسارى بدر، فإنه أشار بقتلهم، وأشار غيره بمفاداتهم، فأنزل الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم فيه عذاب عظيم‏}‏‏.‏ وقوله في الحجاب، فأنزله الله تعالى، وقوله في الخمر‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الله بن داود الواسطي أبو محمد، حدثني عبد الرحمن ابن أخي محمد بن المنكدر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قال عمر لأبي بكر‏:‏ يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر‏:‏ أما إنك إن قلت ذلك، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا المقرئ، عن حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلمك ‏"‏لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ دخلت الجنة، فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلت‏:‏ لمن هذا? فقالوا‏:‏ لشاب من قريش، فظننت أني أنا هو، فقلت‏:‏ ومن هو? قالوا‏:‏ عمر بن الخطاب‏.‏

 قال‏:‏ وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا الحسين بن حريث، أنبأنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن بريدة قال‏:‏ سمعت بريدة يقول‏:‏ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت‏:‏ يا رسول الله، إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى‏.‏ قال‏:‏ إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا‏.‏ فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها، وقعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخلت أنت يا عمر فألقت الدف‏.‏

قال‏:‏ وحدثنا أبو عيسى‏:‏ حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة، عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏قد كان يكون في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فمر بن الخطاب‏"‏‏.‏

أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم، أنبأنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا محمد بن سفيان بن إبراهيم، حدثنا مسلم بن سعيد، أنبأنا مجاشع بن عمرو، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحسن‏:‏ أن عمر بن الخطاب خطب إلى قوم من قريش بالمدينة فردوه، وخطب إليهم المغيرة بن شعبة، فزوجوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لقد ردوا رجلاً ما في الأرض رجل خيراً منه‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا أبو بكر قال‏:‏ أنبأنا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي، حدثنا عيسى بن هارون بن الفرج، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا إسحاق بن بشر، حدثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال‏:‏ أكثروا ذكر عمر، فإنكم إذا ذكرتموه ذكرتم العدل، وإذا ذكرتم العدل ذكرتم الله تبارك وتعالى‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا أبو بكر، حدثنا عبد الله بن إسحاق، حدثنا جعفر الصائغ، حدثنا حسين بن محمد المرودي، حدثنا فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر، عن أبيه‏:‏ أنه كان يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض له في خطبته أن قال‏:‏ ‏"‏يا سارية بن حصن، الجبل الجبل- من استرعى الذئب ظلم‏"‏‏.‏ فتلفت الناس بعضهم إلى بعض، فقال علي‏:‏ صدق، والله ليخرجن مما قال‏.‏ فلما فرغ من صلاته قال له علي‏:‏ ما شيء سنح لك في خطبتك? قال‏:‏ وما هو? قال‏:‏ قولك‏:‏ ‏"‏يا سارية، الجبل الجبل، من استرعى الذئب ظلم‏:‏ قال‏:‏ وهل كان ذلك مني? قال‏:‏ نعم، وجميع أهل المسجد قد سمعوه‏.‏ قال‏:‏ إنه وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا، فركبوا أكتافهم، وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا وقد ظفروا، وأن جاوزا هلكوا، فخرج مني ما تزعم أنك سمعته‏.‏ قال‏:‏ فجاء البشير بالفتح بعد شهر، فذكر أنه سمع في ذلك اليوم في تلك الساعة، حين جاوزوا الجبل صوت يشبه صوت عمر، يقول‏:‏ ‏"‏يا سارية بن حصن، الجبل الجبل‏"‏ قال‏:‏ فعدلنا إليه، ففتح الله علينا‏.‏

قال‏:‏ وحدثنا أبو بكر، حدثنا دعلج بن احمد، حدثنا محمد بن يحيى بن المنذر، حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد، حدثنا المختار بن نافع، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، عن علي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالاً من ماله، رحم الله عمر، يقول الحق وإن كان مراً، تركه الحق وماله من صديق‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وحدثنا أبو بكر حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا إسحاق بن سعيد الدمشقي، حدثنا سعيد بن بشير، عن حرب بن الخطاب، عن روح، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال‏:‏ إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ركب رجل بقرة فقالت البقرة‏:‏ ‏"‏إنا والله ما لهذا خلقنا‏!‏ ما خلقنا إلا للحراثة‏"‏‏.‏ فقال القوم‏:‏ سبحان الله‏!‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أشهد، وأبو بكر وعمر يشهدان، وليسا ثم‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وحدثنا أبو بكر‏:‏ حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الغني بن سعيد، حدثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله عز وجل يباهي بالناس يوم عرفة عامة، ويباهي بعمر بن الخطاب خاصة‏"‏‏.‏

 أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب، أنبأنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج، أنبأنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أنبأنا عثمان بن أحمد بن السماك، حدثنا أحمد بن الخليل البرجلاني، حدثنا أبو النضر المسعودي، عن أبي نهشل، عن أبي وائل قال‏:‏ قال عبد الله بن مسعود‏:‏ فضل الناس عمر بن الخطاب بأربع‏:‏ بذكر الأسرى يوم بدر، أمر بقتلهم، فأنزل الله تعالى‏:‏ ‏"‏لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم‏"‏‏.‏ وبذكر الحجاب، أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن، فقالت زينب‏:‏ إنك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزل الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب‏}‏ وبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏اللهم أيد الإسلام بعمر‏"‏، وبرأيه في أبي بكر‏.‏

أنبأنا أبو محمد، أنبأنا آبي، أنبأنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، أنبأنا أبو محمد بن النحاس، أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا الغلابي- وهو محمد بن زكريا- حدثنا بشر بن حجر السامي، حدثنا حفص بن عمر الدارمي، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن سويد بن غفلة قال‏:‏ مررت بقوم من الشيعة يشتمون أبا بكر وعمر، وينتقصونهما، فأتيت علي بن أبي طالب فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين إني مررت بقوم من الشيعة يشتمون أبا بكر وعمر وينتقصونهما، ولولا أنهما يعلمون أنك تضمر لهما على ذلك لما اجترءوا عليه‏!‏ فقال علي‏:‏ معاذ الله أن أضمر لهما إلا على الجميل‏!‏ ألا لعنة الله على من يضمر لهما إلا الحسن‏!‏ ثم نهض دامع العين يبكي، فنادى‏:‏ الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، وإنه لعلى المنبر جالس، وإن دموعه لتتحادر على لحيته، وهي بيضاء، ثم قام يخطب خطبة بليغة موجزة، ثم قال‏:‏ ‏"‏ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه ومما يقولون بريء، وعلى ما يقولون معاقب، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا كل مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا كل فاجر غوي، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه‏.‏‏.‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا أبي، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه، حدثنا أبو بكر الخطيب، حدثنا محمد بن أحمد بن رزق، حدثنا أحمد بن علي بن عبد الجبار بن خيرويه أبو سهل الكلوذاني، حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا روح بن عبادة، عن عوف عن قسامة بن زهير قال‏:‏ وقف أعرابي على عمر بن الخطاب فقال‏:‏

يا عمر الخير جزيت الجنة ** جهز بنياتي واكسهـنـه

أقسم بالله لتفـعـلـنـه ** ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

قال‏:‏ فإن لم أفعل يكون ماذا يا أعرابي? قال‏:‏ أقسم بالله لأمضينه‏.‏ قال‏:‏ فإن مضيت يكون ماذا يا أعرابي? قال‏:‏

والله عن حالي لتسألنـه ** ثم تكون المسألات عنه

والواقف المسؤول بينهنه ** إما إلى نار وإما جنـه

قال‏:‏ فبكى عمر حتى اخضلت لحيته بدموعه، ثم قال‏:‏ يا غلام، أعطه قميصي هذا، لذلك اليوم لا لشعره، والله ما أملك قميصاً غيره‏!‏‏.‏

وروى زيد بن أسلم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب طاف ليلة، فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون، وإذا قدر على النار قد ملأتها ماء، فدنا عمر بن الخطاب من الباب، فقال‏:‏ يا أمة الله، أيش بكاء هؤلاء الصبيان? فقالت‏:‏ بكاؤهم من الجوع‏.‏ قال‏:‏ فما هذه القدر التي على النار? فقالت‏:‏ قد جعلت فيها ماء أعللهم بها حتى يناموا، أوهمهم أن فيها شيئاً من دقيق وسمن‏.‏ فجلس عمر فبكى، ثم جاء إلى دار الصدقة فأخذ غرارة، وجعل فيها شيئاً من دقيق وسمن وشحم وتمر وثياب ودراهم، حتى ملأ الغرارة، ثم قال‏:‏ يا أسلم، احمل عليّ‏.‏ فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين، أنا أحمله عنك‏!‏ فقال لي‏:‏ لا أم لك يا أسلم، أنا أحمله لأني أنا المسؤول عنهم في الآخرة- قال‏:‏ فحمله على عنقه، حتى أتى به منزل المرأة- قال‏:‏ وأخذ القدر، فجعل فيها شيئاً من دقيق وشيئاً من شحم وتمر، وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القدر- قال أسلم‏:‏ وكانت لحيته عظيمة، فرأيت الدخان يخرج من خلل لحيته، حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا، ثم خرج وربض بحذائهم كأنه سبع، وخفت منه أن أكلمه، فلم يزل كذلك حتى لعبوا وضحكوا، ثم قال‏:‏ يا أسلم، أتدري لم ربضت بحذائهم? قلت‏:‏ لا يا أمير المؤمنين‏!‏ قال‏:‏ رأيتهم يبكون، فكرهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون، فلما ضحكوا طابت نفسي‏.‏

 خلافته رضي الله عنه وسيرته

أنبأنا محمد بن محمد بن سرايا وغير واحد بإسنادهم، عن محمد بن إسماعيل قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبيد الله، حدثني أبو بكر بن سالم، عن سالم، عن عبد الله بن عمر‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏رأيت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً، فلم أر عبقرياً يفري فريه، حتى روي النس، وضربوا بعطن‏"‏‏.‏

وهذا لما فتح الله على عمر من البلاد، وحمل من الأموال، وما غنمه المسلمون من الكفار‏.‏

وقد ورد في حديث آخر‏:‏ ‏"‏وإن وليتموها- يعني الخلافة- تجدوه قوياً في الدنيا، قوياً في أمر الله‏:‏، وقد تقدم‏.‏

قال أحمد بن عثمان‏:‏ أنبأنا أبو مسعود سليمان، أنبأنا أبو بكر بن مردويه الحافظ قال‏:‏ حدثنا سليمان بن احمد، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا أبو صالح الفراء، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء- أو‏:‏ عن زيد بن وهب- أن سويد بن غفلة الجعفي دخل على علي بن أبي طالب في إمارته فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين، إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعر بغير الذي هم أهل له من الإسلام‏.‏ وذكر الحديث، قال‏:‏ فلما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة قال‏:‏ مروا أبا بكر أن يصلي بالناس، وهو يرى مكاني، فصلى بالناس سبعة أيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض الله نبيه ارتد الناس عن الإسلام، فقالوا‏:‏ نصلي ولا نعطى الزكاة، فرضي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أبو بكر منفرداً برأيه، فرجح برأيه رأيهم جميعاً، وقال‏:‏ ‏"‏والله لو منعوني عقالاً ما فرض الله ورسوله لجاهدتهم عليه، كما أجاهدهم على الصلاة‏"‏‏.‏ فأعطى المسلمون البيعة طائعين، فكان أول من سبق في ذلك من ولد عبد المطلب أنا، فمضى رحمة الله عليه وترك الدنيا وهي مقبلة، فخرج منها سليماً، فسار فينا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ننكر من أمره شيئاً، حتى حضرته الوفاة، فرأى أن عمر أقوى عليها، ولو كانت محاباة لآثر بها ولده، واستشار المسلمين في ذلك، فمنهم من رضي، ومنهم من كره، وقالوا‏:‏ أتؤمر علينا من كان عناناً وأنت حي? فماذا تقول لربك إذا قدمت عليه? قال‏:‏ أقول لربي إذا قدمت عليه‏:‏ إلهي أمرت عليهم خير أهلك‏"‏ فأمر علينا عمر، فقام فينا بأمر صاحبيه، لا ننكر منه شيئاً، نعرف فيه الزيادة كل يوم في الدين والدنيا، فتح الله به الأرضين، ومصر به الأمصار، لا تأخذه في الله لومة لائم، البعيد والقريب سواء في العدل والحق، وضرب الله بالحق على لسانه وقلبه، حتى إن كنا لنظن أن السكينة تنطق على لسانه، وأن ملكاً بين عينيه يسدده ويوفقه‏.‏‏.‏

قال‏:‏ وأنبأنا ابن مردويه، حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن القاسم البزار، حدثنا يحيى بن مسعود، حدثني عبد الله بن محمد بن أيوب، حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن الهاشمي، عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ إن الله جعل أبا بكر وعمر حجة على من بعدهما من الولاة إلى يوم القيامة، فسبقا والله سبقاً بعيداً، وأتعبا والله من بعدهما إتعاباً شديداً، فذكرهما حزن للأمة، وطعن على الأئمة‏.‏

أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله إذناً، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر، أنبأنا أبو الحسن، أنبأنا الحسين بن القهم، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا محمد بن عمر، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ‏)‏ح‏(‏ قال‏:‏ وأخبرنا بردان بن أبي النضر، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قال‏:‏ وأنبأنا عمرو بن عبد الله بن عنبسة، عن أبي النضر، عن عبد الله البهي- دخل حديث بعضهم في بعض- أن أبا بكر الصديق لما مرض دعا عبد الرحمن- يعني ابن عوف- فقال له‏:‏ أخبرني عن عمر بن الخطاب‏.‏ فقال عبد الرحمن‏:‏ ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني‏!‏ قال أبو بكر‏:‏ وإن‏!‏ فقال عبد الرحمن‏:‏ هو والله أفضل من رأيك فيه‏.‏ ثم دعا عثمان بن عفان فقال‏:‏ أخبرني عن عمر‏.‏ فقال‏:‏ أنت أخبرنا به‏!‏ فقال‏:‏ على ذلك يا أبا عبد الله‏.‏ فقال عثمان‏:‏ اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله‏!‏ فقال أبو بكر يرحمك الله‏!‏ والله لو تركته ما عدوتك‏.‏ وشاور معهما سعيد بن زيد أبا الأعور، وأسيد بن حضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار، فقال أسيد‏:‏ ‏"‏اللهم أعلمه الخيرة بعدك، يرضى للرضى، ويسخط للسخط، الذي يسر خير من الذي يعلن، ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه‏"‏، وسمع بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به، فدخلوا على أبي بكر، فقال له قائل منهم‏:‏ ‏"‏ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته?‏"‏ فقال أبو بكر‏:‏ أجلسوني، أبالله تخوفونني? خاب من تزود من أمركم بظلم، أقول‏:‏ ‏"‏اللهم، استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت لك من وراءك‏"‏ ثم اضطجع، ودعا عثمان بن عفان فقال‏:‏ اكتب‏:‏ ‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب؛ أنني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً، فإن عدل فذلك ظني به، وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب والخير أردت، ولا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة الله‏"‏‏.‏ ثم أمر بالكتاب فختمه، ثم أمره فخرج بالكتاب مختوماً ومعه عمر بن الخطاب، وأسد بن سعية القرظي، فقال عثمان للناس‏:‏ أتبايعون لمن في هذا الكتاب? فقالوا‏:‏ نعم، وقال بعضهم‏:‏ قد علمنا به- قال ابن سعد‏:‏ على القائل- وهو عمر، فأقروا بذلك جميعاً ورضوا به وبايعوا، ثم دعا أبو بكر عمر خالياً فأوصى بما أوصاه به، ثم خرج فرفع أبو بكر يديه مداً، ثم قال‏:‏ اللهم، إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وفت عليهم الفتنة، فعملت فيهم ما أنت أعلم به، واجتهدت لهم رأيي، فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم، وأحرصهم على ما فيه رشدهم، وقد حضرني من أمرك ما حضرني، فاخلفني فيهم، فهم عبادك، ونواصيهم بيدك، واصلح لهم ولاتهم، واجعله من خلفائك الراشدين يتبع هدى نبي الرحمة وهدى الصالحين بعده، وأصلح له رعيته‏.‏

وروى صالح بن كيسان، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه‏:‏ أنه دخل على أبي بكر في مرضه الذي توفي فيه فأصابه مفيقاً، فقال له عبد الرحمن‏:‏ أصبحت بحمد الله بارئاً‏.‏ فقال أبو بكر‏:‏ تراه? قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ إني على ذلك لشديد الوجع، وما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد علي من وجعي، إني وليت أمركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم من ذلك أنفه، يريد أن يكون الأمر له، قد رأيتم الدنيا قد أقبلت ولما تقبل، وهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج، وتألموا من الاضطجاع على الصوف الأذربي، كما يألم أحدكم أن ينام على حسك السعدان‏.‏

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم، أنبأنا آبي، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية عن الصلت بن بهرام، عن يسار قال‏:‏ لما ثقل أبو بكر أشرف على الناس من كوة فقال‏:‏ يا أيها الناس، إني قد عهدت عهداً أفترضون به? فقال الناس‏:‏ قد رضينا يا خليفة رسول الله‏.‏ فقال علي‏:‏ لا نرضى إلا أن يكون عمر بن الخطاب‏.‏

 أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري التغلبي، أنبأنا الشريف أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني وأبو القاسم السين بن الحسن بن محمد الأسدي قالا‏:‏ أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء، أنبأنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، حدثنا سليمان بن عبد الحميد المهراني، أنبأنا عبد الغفار بن داود الحراني، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن عبد القاري، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن سليمان بن أبي خيثمة، عن جدته الشفاء- وكانت من المهاجرات الأول- وان عمر إذا دخل السوق أتاها، قال‏:‏ سألتها من أول من كتب‏:‏ ‏"‏عمر أمير المؤمنين‏"‏? قالت‏:‏ كتب عمر إلى عامله على العراقين‏:‏ ‏"‏أن ابعث إليّ برجلين جلدين نبيلين، أسألهما عن أمر الناس‏"‏، قال‏:‏ فبعث إليه بعدي بن حاتم، ولبيد بن ربيعة، فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد، فاستقبلا عمرو بن العاص، فقالا‏:‏ استأذن لنا على أمير المؤمنين‏.‏ فقلت‏:‏ أنتما والله أصبتما اسمه، وهو الأمير، ونحن المؤمنون‏.‏ فانطلقت حتى دخلت على عمر، فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين‏.‏ فقال‏:‏ لتخرجن مما قلت أو لأفعلن‏!‏ قلت‏:‏ يا أمير المؤمنين، بعث عامل العراقين بعدي بن حاتم ولبيد بن ربيعة، فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم استقبلاني فقالا‏:‏ استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقلت‏:‏ أنتما والله أصبتما، اسمه هو الأمير، ونحن المؤمنون‏.‏

وكان قبل ذلك يكتب‏:‏ ‏"‏من عمر خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏، فجرى الكتاب ‏"‏من عمر أمير المؤمنين‏"‏ من ذلك اليوم‏.‏

وقيل‏:‏ إن عمر قال‏:‏ إن أبا بكر كان يقال له‏:‏ ‏"‏يا خليفة رسول الله‏"‏، ويقال لي‏:‏ يا خليفة خليفة رسول الله، وهذا يطول، انتم المؤمنون وأنا أميركم‏.‏

وقيل‏:‏ إن المغيرة بن شعبة قال له ذلك، والله أعلم‏.‏

سيرته

وأما سيرته فإنه فتح الفتوح ومصر الأمصار، ففتح العراق، والشام، ومصر، والجزيرة، وديار بكر، وأرمينية، وأذربيجان، وأرانيه، وبلاد الجبال، وبلاد فارس، وخوزستان وغيرها‏.‏

وقد اختلف في خراسان، فقال بعضهم‏:‏ فتحها عمر، ثم انتقضت بعده ففتحها عثمان‏.‏ وقيل‏:‏ إنه لم يفتحها، وإنما فتحت أيام عثمان‏.‏ وهو الصحيح‏.‏

وأدر العطاء على الناس، ونزل نفسه بمنزلة الأجير وكآحاد المسلمين في بيت المال، ودون الدواوين، ورتب الناس على سابقتهم في العطاء والإذن والإكرام، فكان أهل بدر أول الناس دخولاً عليه، وكان عليّ أولهم‏.‏ وكذلك فعل بالعطاء، واثبت أسماءهم في الديوان على قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدأ ببني هاشم، والأقرب فالأقرب‏.‏

أنبأنا القاسم بن علي بن الحسن إجازة، أنبأنا أبي، أنبأتا فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلويه قالت‏:‏ أنبأنا أبو بكر أحمد بن الخطيب، أنبأنا أبو بكر الحيري، أنبأنا أبو العباس الأصم، أنبأنا الربيع قال‏:‏ قال الشافعي‏:‏ أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع، عن الثقة- احسبه محمد بن علي بن الحسن أو غيره- عن مولى لعثمان بن عفان قال‏:‏ بينا أنا مع عثمان في مال له بالعالية في يوم صائف، إذ رأى رجلاً يسوق بكرين، وعلى الأرض مثل الفراش من الحر، فقال‏:‏ ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح‏.‏ ثم دنا الرجل فقال‏:‏ انظر من هذا? فنظرت فقلت‏:‏ أرى رجلاً معتماً بردائه، يسوق بكرين‏.‏ ثم دنا الرجل فقال‏:‏ انظر‏.‏ فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقلت‏:‏ هذا أمير المؤمنين‏.‏ فقام عثمان فأخرج رأسه من الباب فإذا نفح السموم، فأعاد رأسه حتى حاذاه، فقال‏:‏ ما أخرجك هذه الساعة? فقال‏:‏ بكران من إبل الصدقة تخلفا، وقد مضي بإبل الصدقة، فأردت أن ألحقهما بالحمى، وخشيت أن يضيعا، فيسألني الله عنهما‏.‏ فقال عثمان‏:‏ يا أمير المؤمنين، هلم إلى الماء والظل ونكفيك‏.‏ فقال‏:‏ عد إلى ظلك‏.‏ فقلت‏:‏ عندنا من يكفيك‏!‏ فقال‏:‏ عد إلى ظلك‏.‏ فمضى، فقال عثمان‏:‏ من أحب أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا‏!‏ فعاد إلينا فألقى نفسه‏.‏

 روى السري بن يحيى، حدثنا يحيى بن مصعب الكلبي، حدثنا عمر بن نافع الثقفي، عن أبي بكر العبسي قال‏:‏ دخلت حين الصدقة مع عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، فجلس عثمان في الظل، وقام عليّ على رأسه يملي عليه ما يقول عمر، وعمر قائم في الشمس في يوم شديد الحر، عليه بردتان سوداوان، متزر بواحدة وقد وضع الأخرى على رأسه، وهو يتفقد إبل الصدقة، فيكتب ألوانها وأسنانها‏.‏ فقال علي لعثمان‏:‏ أما سمعت قول ابنة شعيب في كتاب الله عز وجل‏:‏ ‏{‏إن خير من استأجرت القوي الأمين‏}‏، وأشار علي بيده إلى عمر، فقال‏:‏ هذا هو القوي الأمين‏.‏

أنبأنا غير واحد إجازة، عن أبي غالب بن البناء، أنبأنا أبو علي الحسن بن محمد بن فهد العلاف، حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حماد الموصلي، حدثنا أبو الحسين محمد بن عثمان، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام، حدثنا موسى بن داود الضبي، أنبأنا محمد بن صبيح، عن إسماعيل بن زياد قال‏:‏ مر علي بن أبي طالب على المساجد في شهر رمضان، وفيها القناديل، فقال‏:‏ نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا‏.‏

وروى حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال‏:‏ خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى مكة، فما ضرب فسطاطاً ولا خباءً حتى رجع‏.‏ وكان إذا نزل يلقي له كساء أو نطع على الشجر، فيستظل به‏.‏

وروى موسى بن إبراهيم المروزي، عن فضيل بن عياض، عن ليث، عن مجاهد قال‏:‏ أنفق عمر بن الخطاب في حجة حجها ثمانين درهماً من المدينة إلى مكة، ومن مكة إلى المدينة، قال‏:‏ ثم جعل يتأسف ويضرب بيده على الأخرى، ويقول‏:‏ ما أخلقنا أن نكون قد أسرفنا في مال الله تعالى‏.‏

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم إذناً، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه وأبو بكر بن إسماعيل قالا‏:‏ أنبأنا يحيى بن محمد أنبأنا الحسين بن الحسن، أنبأنا ابن المبارك، عن مالك بن مغول‏:‏ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال‏:‏ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون- أو قال‏:‏ أيسر- لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبر ‏"‏يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية‏"‏ وله في سيرته أشياء عجيبة عظيمة، لا يستطيعها إلا من وفقه الله تعالى، فرضي الله عنه وأرضاه، بمنه وكرمه‏.‏